المساهمات : 558 تاريخ التسجيل : 25/10/2007 الموقع : www.donyawadine.kalamfikalam.com
موضوع: الغجـــر الإثنين 28 يناير 2008, 19:49
الغجـــر
الغجر شعوب تقطن أوروبا منذ القرن الخامس عشر، تتكلم لغة مشتركة ولها ثقافة وتقاليدمتشابهة، وحتى أواخر القرن العشرين ظلت شعوب الغجر تعيش حياة التنقل والترحال،وللغجر أسماء مختلفة باختلاف اللغات والأماكن التي يتواجدون فيها، ومن أسمائهمالشائعة في أوربا (الروم)، وهم من بين الشعوب التي تعرضت للاضطهاد من قبل الحكمالنازي.
توجد آراء مختلفة بشأن تاريخ الغجر وأصولهم، إلا أن رأيا منها يبدووجيها وهو أن هؤلاء الأقوام أصلا من شعوب الهند وإيران ومناطق وسط وجنوب آسيا،هاجروا عن أراضيهم في حوالي القرن الرابع الميلادي، وأوضح بعض المؤرخين أنهم فيأواسط القرن الخامس عشر (1440م تقريبا) وصلوا إلى مناطق المجر وصربيا وباقي بلادالبلقان الأخرى، ثم بعد ذلك انتشروا في بولندا وروسيا، واستمر انتشارهم إلى أنبلغوا السويد وإنجلترا في القرن السادس عشر الميلادي، كما استوطنوا في إسبانيابأعداد كبيرة في ذلك الوقت. انقسم الغجر في دياناتهم حيث اصبح جزء منهم مسلمين كمافي البوسنة والهرسك، بينما جزء آخر تبعوا مذهب الأرثوذكس في صربيا والجبل الأسود،كما اصبح معظم الغجر في أوروبا الغربية رومان كاثوليك، ولكنهم حافظوا على كثير منمعتقداتهم السابقة قبل اعتناقهم المسيحية، أما من ناحية اللغة فقد تفرقت لغة الغجربتفرقهم وتأثرهم بألسنة القوميات المتعددة التي عاشوا وسطها، ولكن هناك محاولات فيالزمن الحالي لتدوينها على الرغم من أن المنشورات الغجرية المكتوبة قد ظهرت أيامالاتحاد السوفييتي في عهوده الأولى.
تعرضهم للحقد والكراهيةالكثير من سماتالغجر وتصرفاتهم لا تروق للشعوب المتحضرة، وربما يكون هذا سببا في أن المراجعالتاريخية الأوربية تحاول إثبات أنهم ليسوا أوروبيي المنشأ، وأنهم مهاجرون من خارجالقارة، والكراهية والحقد ضد الغجر كانا وما زالا واسعي الانتشار بين الشعوبالمستقرة، ربما بسبب هذه السلوكيات والعادات غير المقبولة، أما المهن التييمتهنونها في العادة فهي تخضع لطبيعة حياتهم المتنقلة، فهم عادة لا يسمح لهمبامتلاك الأراضي في الدول التي تؤويهم، وفي غالب الأحوال تكون تجارة بيع الأحصنةوالبغال والحيوانات الأخرى، وأنواع التجارة الصغيرة المتنقلة، والصناعات اليدويةكأعمال الفضة والحديد وصياغة الذهب، كما انهم يشتهرون بتقديم الموسيقى في المنتزهاتوفي العاب السيرك، ومن جانب آخر عادة ما تكون تهم السرقة وانعدام الأمانة ملازمةللغجر بسبب أسلوب حياتهم المتنقل وسلوكياتهم غير المألوفة.
ممارسات عدوانيةتعرض الغجر لممارسات عدوانية من الشعوب المستقرة على مر التاريخ، وتمثلتالاعتداءات عليهم في الترحيل القسري، وعدم الاعتراف بهم كمواطنين في البلدان التييقيمون فيها، حيث تم ترحيلهم من مناطق عديدة في أوروبا، وقد وصلت قمة الكراهيةللغجر في الأمر الذي أصدره ملك (بروسيا) في عام 1725م ويقضي بقتل كل غجري فوقالثامنة عشرة من العمر.
مع تطور المجتمع الصناعي إبّان عصر نهضة الصناعات فيأوروبا وظهور المجتمعات الحضرية، تعرض الغجر إلى مراقبة السلطات في البلدانالأوروبية، حيث قامت بافاريا بإنشاء وزارة مختصة بشئون الغجر، وكانت مركز العداءلكل ما هو غجري في ألمانيا حتى قيام النازية، في فبراير عام 1929م صدرت قوانين تلزمالغجر الذين ليست لديهم مهنة ثابتة في ألمانيا بالعمل القسري (السخرة)، وقد طبق هذاالنظام في عدد من الدول الأوروبية.
الغجر والنازيةيحتل الغجر مرتبة متدنيةفي الترتيب العرقي للنظرية النازية، فهم عرفوا على حسب قانون نورمبيرج لعام 1935مبأنهم شعوب غير آرية، وبالتالي يمنع عليهم الزواج من ألمانيات، كما وصفوا بأنهممجموعات منغلقة على نفسها في قانون 1937م، وهي تهمة جنائية يعاقبون عليها حتى وانلم يرتكبوا أي جريمة، وكان أن يتم حبس 200 من الغجر كل مرة في معسكرات التركيز،وبحلول عام 1938م، أنشأ الفوهرر هيملر مكتبا مركزيا لمكافحة خطر الغجر، وكانتالوظيفة الأساسية لهذا المكتب هي فرز الغجر الأنقياء من الغجر المختلطين، وقد تمتالعديد من الممارسات العنصرية ضدهم في ذلك العهد، حتى وصل بهم الحال إلى وضعهم فيزرائب ذات سياج كما توضع البهائم.
كان قانون 1943م يمنع ذكر الغجر بسبب عدمتوقع استمرارهم في الحياة، ثم أمر هتلر بترحيل الغجر إلى (اوسشفيتز)، ولكنه لم يسمحبقتلهم إلا في عام 1944م، حيث قتل العديد منهم في المعسكرات الأخرى بسبب الجوعوالمرض والتعذيب، وبسبب استخدامهم كمادة للتجارب، وفي نهاية الحرب العالمية الثانيةمات خمسة عشر ألف غجري من أصل عشرين ألفاً كانوا يعيشون في ألمانيا، ومثلت هذهالحادثة أقسى عمليات إبادة عرقية في تلك الفترة التي لن ينساها العالم.
المعتقدات والتقاليدمن معتقدات الغجر أن الإنسان خلق من أصول ثلاثة، وأنأجداد البشرية ثلاثة رجال أحدهم أسود وهو جد الأفارقة، والآخر أبيض وهو جدالأوروبيين وأمثالهم من البيض، والأخير هو جد الغجر، وان هذا الجد يسمى (كين)، وقدقتل شقيقه وعوقب من الله بأن جعله هائما في الأرض هو وذريته من بعده.
هناكرواية أخرى تقول إن سبب الشتات في الأرض والتنقل هو أن الجد الغجري قد أسرف فيالخمر وثمل ولم يستطع الدفاع عن المسيح، ورواية أخرى تقول إن الجد الغجري قد صنعالمسمار في الصليب الذي أراد أعداء المسيح صلبه عليه. كل هذا الأشياء تعطي الانطباعبأن الغجر دائما يقفون في صف مناقض للمسيحيين، وقد تبدو هذه المواقف أحد مبرراتالكراهية ضد الغجر من قبل الأوروبيين.
مهن متوارثةكان الغجر يمتهنونالتقاط الطعام والصيد إضافة إلى خبرتهم في الحيوانات والمعرفة التقليدية بطبالأعشاب. في السابق كان يمكن تمييز الغجر سهلاً بسبب أنماط لبسهم الغريبة، ولغتهمالخاصة، فقد كان النساء يلبسن الملابس الفضفاضة المزركشة، ويتخذن زينة من الحليالمختلفة بشكل كثيف ولافت، ويضعن على آذانهن حلقات كبيرة من الفضة تنعكس عليها أشعةالشمس مكونة بريقا يضفي على الغجرية مسحة جمالية خاصة، مع تزيين الوجه وإسبال الشعرالأسود على جانبيه، أما الرجال فيلبسون الملابس المبهرجة متعددة الألوان إضافة إلىوضع لفافة حول الرقبة.
خيمة وعربة وحصانكان الغجر في الماضي يستخدمونالعربات التي تجرها الخيول والبغال والحمير، ولكن تحت وطأة الضغوط الاقتصاديةواكتشاف المحركات التي تعمل بواسطة البترول تركوا مركباتهم تلك، فقط 6% من الغجرالآن يعيشون على العربات من النمط القديم، غالبا ما يعيش الغجر في الخيام، أو علىظهور عرباتهم (ربما أصبح ذلك من الماضي)، ومن عاداتهم تزيينها برسومات مختلفة،ولتلك المناسبة أسطورة تحكي أن أحد الغجر قد هام حبا بفتاة، وعند زواجه بها طلبتمنه أن يزين لها بيت الزوجية، وقد استجاب الفتى لذلك، ووضع كل ما أمكنه من تصميماتفنية في تلك العربة، وتمضي القصة لتحكي أن الغجرية أصيبت بداء عضال سبب وفاتها،الأمر الذي أحزن الفتى الغجري كثيرا، ثم قام برسم وجهين في عربته، الوجه الأول لرجلداكن البشرة يمثله هو والآخر لفتاة ذات شعر أحمر تمثل عروسه، وسار الناس على العادةوصاروا يزينون عرباتهم بنفس الطريقة، ويخصص الغجري ربع مساحة العربة لزوجته معإحداث فتحة في الأعلى للتمكن من إشعال النار بداخلها.
يتزوج الغجري بالغجرية فيسن مبكرة جدا وذلك الزواج يتبع التقاليد الغجرية بصرامة من حيث طريقة الاحتفال، ففيالبدء يعطي الغجري البنت التي يختارها للزواج لفافة عنقه، وإذا ما ارتدت البنت تلكاللفافة فهذا يعني أنها قبلت الزواج به وإلا فلا، والطلاق نادر الحدوث بين الغجر. وهناك عادة قفز الزوجين للمكنسة، وعادة أخرى غريبة للزواج، وهي أن يتصافح الزوجانثم تكسر قطعة من الخبز وتسكب عليها قطرات من الدم من إبهاميهما، ثم يأكل كل واحدمنهما القطعة التي فيها دم الآخر، ثم يكسر ما تبقى من قطعة الرغيف على رؤوسهما،وبعدها يغادران مكان الاحتفال، ولا يحضران إلا في اليوم التالي للمشاركة في الغناءوالرقص وبذلك يتم الزواج.
عادات الولادة تعتبر المرأة الحامل عند الغجر غيرطاهرة، وبالتالي تعزل في خيمة منفصلة بعيدة عن العربة، وعند قدوم ميقات وضع الطفلتذهب الأم المرتقبة بعيدا بمفردها إلى شجرة حيث تضع مولودها هناك، أو تضع مولودهافي خيمة أخرى، وتستمر فترة العزل للمرأة بعد الولادة لمدة تتراوح بين أسبوعين إلىشهرين، بعدها تمارس حياتها العادية اليومية بصورة طبيعية، ولا يلمس والد الطفل ولدهإلا بعد أن يتم تعميده (حسب التقاليد المسيحية). الآن تغير هذا الوضع واصبح بمقدورالغجرية أن تذهب للمستشفى لإجراء عملية الولادة، ويستطيع الزوج أن يزور زوجته وهوفي كامل أناقته.
عادات الوفاة تعتبر عادات الوفاة من اكثر العادات القديمةالتي دامت عند الغجر، وأيضا تلعب العربة دورا ظاهرا في تلك العادات، فبعد وفاة أحدالغجر تحرق عربته! وفي الأوقات العصيبة يقومون ببناء خيمة وتدميرها عوضا عن إحراقالعربة، قبل دفن الغجري المتوفى لا يتناول الغجر الطعام ولا الشراب، ويقوم ثلاثة منالغجر بحراسة المتوفى من الأرواح الشريرة، وقد استمرت هذه العادات حتى عام 1915م،وعادة ما يكون الكفن واسعاً لاحتواء ممتلكات المتوفى إلى جانبه، ويقومون بإلباسهاحسن الأزياء لديه، أما المرأة فتدفن معها جميع ممتلكاتها الثمينة، إلا في حالة أنيكون لديها بنات من دم غجري خالص، عندها يرثن تلك الممتلكات.