وجاء فيحدث الرسول صلى الله عليه و سلم ، أنه قال : ( أرضعيه ولو بماء عينيك ) وذلكعندما طلب من أسماء بنت أبي بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ أن ترضع وليدها عبد اللهبن الزبير .... .
ونلمس مما تقدم تأكيداً على الإرضاع من ثدي المرأة، قبلاللجوء لأية وسيلة كالإرضاع الصناعي "حليب البقر وغيره " .. فلماذا، المقارنةالآتية تنحنا الجواب الشافي.
مقارنة بين الرضاع الطبيعي و الإرضاع الصناعي:
#تركيب الحليب: يتطور تركيب حليب الأم من يوم لآخر بما يلائمحاجة الرضيع الغذائية، وتحمل جسمه، وبما يلائم غريزته وأجهزته التي تتطوريوماً بعد يوم، وذلك عكس الحليب الصناعي الثابت التركيب : فمثلاً يفرز الثديان فيالأيام الأولى اللبن Colostrm الذي يحوي أضعاف ما يحوي اللبن من البروتين والعناصرالمعدنية ، لكنه فقير بالدسم والسكر، كما يحوي أضدادا لرفع مناعة الوليد، و لهفعل ملين، هو الغذاء المثالي للوليد، كما يخف إدرار اللبن من ثدي الأم،أو يخف تركيزه بين فترة وأخرى بشكل غريزي وذلك لإزاحة الجهاز الهضمي عند الوليد،ثم يعود بعدها بما يلائم حاجة الطفل.
# الهضم: لبن الأم أسهلهضماً لاحتوائه على خمائر هاضمة تساعد خمائر المعدة عند الطفل على الهضم، وتستطيعالمعدة إفراغ محتواها منه بعد ساعة ونصف، وتبقى حموضة المعدة طبيعية ومناسبةللقضاء على الجراثيم التي تصلها . بينما يتأخر هضم خثرات الجبن في حليب البقر،لثلاثة أو أربع ساعات، كما تعدل الأملاح الكثيرة الموجودة في حليب البقر حموضةالمعدة ، وتنقصها مما يسمح للجراثيم وخاصة الكولونية بالتكاثر مما يؤدي للإسهال والإقياء ..
#الطهارة : حليب الأم معقم، بينما يندر أن يخلوالحليب في الرضاع الصناعي من التلوث الجرثومي، وذلك يحدث إما عند عملية الحلب،أو باستخدام الآنية المختلفة أو بتلوث زجاجة الإرضاع.
#درجة حرارة لبنالأم ثابتة وملائمة لحرارة الطفل ، و لا يتوفر ذلك دائماً في الإرضاع الصناعي
#الإرضاع الطبيعي أقل كلفة ، بل لا يكلف أي شيء من الناحية الاقتصادية.
#يحوي لبن الأم أجسام ضدية نوعية، تساعد الطفل على مقاومة الأمراض، وتواجد بنسبة أقل بكثير في حليب البقر، كما أنها غير نوعية، ولهذا فمن الثابت أنالأطفال الذين يرضعون من أمهاتهم أقل عرضة للإنتان ممن يعتمدون على الإرضاع الصناعي.
#الإرضاع الطبيعي يدعم الزمرة الجرثومية الطبيعية في الأمعاء ذاتالدور الفعال في امتصاص الفيتامينات وغيرها من العناصر الغذائية، بينما يسببالإرضاع الصناعي اضطراب هذه الزمرة.
#يسبب لبن البقر مضاعفات عدم تحملوتحسس، لا تشاهد في الإرضاع الطبيعي كالإسهال والنزف المعوي والتغوط الأسود ومظاهر التجسس الشائع، كما إن الإلعاب والمغص والإكزما البنيوية أقل تواجداً فيالإرضاع الطبيعي.
#الاستعداد للأمراض المختلفة : يهيء الإرضاع الطفلللإصابة أكثر، بأمراض مختلفة، كالتهابات الطرق التنفسية، وتحدد الرئة المزمنالذي يرتبط بترسب بروتين اللبن في بلاسما الطفل، وحذف لبن البقر من غذاء الطفليؤدي لتحسنه من المرض . وكذلك التهاب الأذن الوسطى، لأن الطفل في الإرضاع الصناعييتناول وجبته وهو مضطجع على ظهره، فعند قيام الطفل بأول عملية بلع بعد الرضاعةينفتح نفير أوستاش ويدخل الحليب واللعاب إلى الأذن الوسطى مؤدياً لالتهابها. وتزيد حالات التهاب اللثة والأنسجة الداعمة للسن بنسبة ثلاثة أضعاف، عنالذين يرضعون من الثدي، أما تشنج الحنجرة، فلا يشاهد عند الأطفال الذين يعتمدونعلى رضاعة الثدي.
ـ هذه الفروق وغيرها، تفسر لنا نسبة الوفيات عندالأطفال الذين يعتمدون الإرضاع الصناعي عن نسبة وفيات إخوانهم الذين من الثديبمقدار أربعة أضعاف رغم كل التحسينات التي أدخلت على طريقة إعداد الحليب في الطرقالصناعية، وعلى طريقة إعطائه للرضيع.
ـ طريقة الإرضاع ومصلحةالأم :
الإرضاع من الثدي لمصلحة الأم دوماً لأنه:
#يفيد بعمليةإنطمار الرحم بعد الولادة، نتيجة منعكس يثيره مص الحلمة من قبل الطفل، فيعود حجمالرحم بسرعة أكبر لحجمه الطبيعي وهذا يقلل من الدم النازف بعد الولادة.
#النساء المرضعات أقل إصابة بسرطان الثدي من النساء غير المرضعات، فمن قواعدسرطان الثدي أنه ـ يصيب العذارى أكثر من المتزوجات المرضعات، فمن قواعد سرطانالثدي أنه يصيب العذارى أكثر من المتزوجات.
#ويصيب المتزوجات غيرالمرضعات أكثر من المرضعات.
#ويصيب المتزوجات قليلات الولادة أكثر منالولادات .فكلما أكثرت المرأة من الإرضاع ، قل تعرضها لسرطان الثدي..
ـالإرضاع من الثدي، هو الطريقة الغريزية المثلى لتنظيم النسل:
إذ يؤديالإرضاع لانقطاع الدورة الطمثية بشكل غريزي، ويوفر على المرأة التي ترغب في تأجيلالحمل أو تنظم النسل، مخاطر الوسائل التي قد تلجأ إليها كالحبوب، والحقن، واللولب ...أما آلية ذلك، فهي أن مص حلمة الثدي، يحرض على إفراز هرمون البرولاكتينمن الفص الأمامي للغدة النخامية، والبرولاكتين ينبه الوظيفة الإفرازية لغدة الثدي، ويؤدي لنقص إفراز المنميات والبرولاكتين ينبه الوظيفة الإفرازية لغدة الثدي، ويؤدي لنقص إفراز المنميات التناسلية Gonadotrophin المسؤلة عن التغيرات الدورية فيالمبيض، وهذا ما يحصل عند 60% من النساء المرضعات.
ـ الإرضاع وتقوية الرابطة الروحية:
الإرضاع الأمي يقوي الرابطة الروحية والعاطفة بينالأم ووليدها، ويجعل الأم أكثر عطفاً بطفلها، وهذه الرابطة هي الضمان الوحيدالذي يحدو بالأم للاعتناء بوليدها بنفسها فهو ليس مجرد عملية مادية، بل هو رابطةمقدسة بين كائنين، تشعر فيه الأم بسعادة عظمى لأنها أصبحت أماً، تقوم على تربيةطفل صغير، ليكون غرساً في بستان الحياة.
أما بالنسبة للطفل فالإرضاعالثديي يهبه توازناً عاطفياً ونفسياً، ويجعله فرحاً مسروراً، وعندما يضع ثغرهعلى ثدي أمه، يصبح على مقربة من دقات قلبها، وهذا النغم الرقيق واللحن، يمنحهالسكن والطمأنينة، ومن ثم الخلود إلى الراحة والنوم.
هذه الرابطةالقوية ينجم عنها من تأثير، تكون ضعيفة عندما يوضع الطفل على الإرضاع الصناعي، ويكون الأمر أسوأ من ذلك عندما يقوم على العناية بالطفل غير الأم كالخادمة، أوالمسئولة في روضة الأطفال أو أي شخص آخر، لأن هذا الوضع يحطم ما يسمى بالاستقرارالذي هو أكثر ما يحتاجه الطفل في سنواته الأولى كي يحقق تطوراً انفعالياً سليماً و " إن العلاقة الحكمية الشخصية الوثيقة بين الطفل وشخص ما ـ ذلك الذي يؤمن لهالغذاء والدفء والراحة ـ تبدو هذه العلاقة وكأنها من أولى الضرورات، أن يكونهذا الشخص هو الأم" .
وتلمس في هذه الأيام ردة إلى الثدي ن بعد أن روجكثيراً للزجاجة، وللحليب الاصطناعي، الذي ملأت أنواعه الكثيرة واجهات المحلاتقبل الصيدليات، وبعد أن لجأ الكثير من الأمهات إلى الحليب الاصطناعي ظناً منهن أنهذا من مظاهر الرقي والتقدم، و أو حفاظاً على جمالهن و أناقتهن، وما ذلك فيالواقع إلا جهلاً، أو خطأ، أو انجرافاً وراء زخرف القول غروراً و جاهلية.
ولهذا يجب على الأم الواعية، أن تحرص كل الحرص على أن تقدم لطفلها الغذاءالطبيعي الذي أعده الباري المصور أحين إعداد، وأن لا تتخلى عنه إلا في حال مباشرةلذلك . كما يجب أن لا يدفعها للتوجيه مباشرة للحليب الصناعي، فقد يكون ذلك النقصغريزياً ولمدة بسيطة ولمصلحة الرضيع . كما يجب عدم دعم الإرضاع الطبيعي الذي يسمىبالإرضاع المختلط، إلا عند الضرورة، فقد يؤدي لامتناع الطفل عن الثدي بسبب قلةإدارة اللبن من الثدي .