الونشريس للتربية و التعليم
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الونشريس للتربية و التعليم


 
الرئيسية10أحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الجاسوس الذى غير مسار الحرب العالمية الثانية (02)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
dali
عضو متميز
عضو متميز
dali


المساهمات : 545
تاريخ التسجيل : 03/01/2008

الجاسوس الذى غير مسار الحرب العالمية الثانية (02) Empty
مُساهمةموضوع: الجاسوس الذى غير مسار الحرب العالمية الثانية (02)   الجاسوس الذى غير مسار الحرب العالمية الثانية (02) Icon_minitimeالإثنين 28 يناير 2008, 20:11

ومرة أخرى، أثار انبهار المخابرات السوفيتية ورجالها..
فقد حصل (سورج) على كل المعلومات المطلوبة، وأعاد بناء الشبكة، التي أُطلق عليها اسم (وحدة الصين)، والتي بدأ أفرادها يتساءلون، في دهشة وانبهار، عن رئيسهم الجديد، الذي لا ينام أبداً، والذي يعمل بنشاط جمّ، دون توقُّف أو هوادة، والذي قام بخطوة بالغة الجرأة، إلى الحد الذي أذهلهم جميعاً، وجعلهم يتعاملون معه بتقدير واحترام ومهابة بلا حدود، وكأنه إله الجاسوسية نفسه..


فلقد أقنع (سورج) القنصل الأمريكي بتأجير حجرتين من منزله لرجل أعمال واقتصاد ألماني، يُدعى (فريدريك مانهايم)، والذي لم يكن في الواقع سوى جاسوس آخر، وخبير في الاتصالات اللاسلكية، يعمل لحساب السوفيت، ويُدعى (ماكس كلوس)، وكانت حقائبه، التي انتقلت إلى منزل القنصل الأمريكي، تحوي جهاز الاتصال اللاسلكي، الذي ظلّ يبث الأسرار والمعلومات إلى (موسكو)، طوال عامين كاملين، دون أن يدرك الأمريكيون دورهم في هذا !!..


وبعد نجاحه المذهل، في إحياء (وحدة الصين)، التي تحوّلت من وحدة مهلهلة، إلى واحدة من أقوى وحدات الجاسوسية السوفيتية، في العالم أجمع، قرّر السوفيت استغلال مهارات وكفاءة (سورج)، في مجال حيوي آخر..


وانطلق (سورج) ليقتحم صحافة النازي، في قلب(برلين) نفسها، مؤيّداً بشهادة اثنين من أصدقائه، الذين أشادا ببراعته وأمانته، وإخلاصه المتناهي لعمله..
وكانت خطوة بالغة الجرأة منه بالفعل!!..
إذ كان يكفي أن يقوم جهاز (الجستابو) بتحريات جادة عنه، لينكشف أمره، وتفتضح خدعته، ويسقط في قبضة أشرس جهاز أمني، في ذلك الحين..
ولكن من حسن الحظ، أن (الجستابو) كان آنذاك مشغولاً بما بدا له أكثر أهمية..


لقد اكتفى بشهادة الرجلين، وبالشهادات التي نالها (سورج)، وتركه يعمل في منصب كبير الصحفيين والمراسلين الألمان، لجريدة (زيتونج)، الناطقة بلسان الحزب النازي، ويسافر إلى أقرب حليف للنازية، في ذلك الحين..
إلى (طوكيو) مباشرة..
وهناك بدأت مرحلة جديدة..
وخطيرة..
للغاية.
في (طوكيو)، بدأ (سورج) طريقه بلعب أهم دور، في قصة أي جاسوس حذر، في أرض جديدة..
دور الجاسوس النائم..
ومصطلح الجاسوس النائم هذا يستخدم لوصف جاسوس، تم زرعه في منطقة الهدف، أثناء مروره بمرحلة التوطين الأولى، التي يسعى خلالها لتثبيت أقدامه، في المجتمع الجديد، ومد جذوره في أعماقه، ويحظر عليه تماماً التورُّط في أي عمل تجسُسي خلال تلك المرحلة، مهما كانت المغريات؛ نظراً لاحتمال دفع أمر ما تحت يمينه، لكشف هويته، وتحديد حقيقة انتمائه..


لذا فلم يمارس (سورج) أية أعمال جاسوسية على الإطلاق، في الفترة الأولى، وإنما اكتفى بمد جذوره في المجتمع الياباني، وتوطيد صلاته واتصالاته، وإقامة جسور من الثقة والصداقة، بينه وبين أبرز العناصر السياسية، والاقتصادية، والعسكرية في (اليابان)، وعندما استقر به المقام، واطمأن إلى قوة ثباته في المجتمع الياباني، بدأ (سورج) في بناء شبكة الجاسوسية الجديدة..


وعلى الرغم من أن الشرطة السرية اليابانية (الكمبتاي)، كانت شديدة النشاط في تلك الفترة، وتتعامل مع كل الأجانب باعتبارهم جواسيس، إلا أن (ريتشارد سورج) قد تجاوز فترة التوطين الأولى، ونجح في إقامة صداقات وعلاقات قوية متينة، داخل المجتمع الياباني، بل وداخل (الكمبتاي) نفسه، مما ساعده على الخروج من مرحلة الكمون إلى مرحلة النشاط، والبدء في تنفيذ خطة تواجده الرئيسية..


وخلال فترة محدودة، أنشأ (سورج) شبكة قوية فعَّالة، راحت (موسكو) تتابع أخبارها بمنتهى الاهتمام الممزوج بالحذر، خاصة وأن (سورج) قد حدَّد مصروفاتها الشهرية بثلاثة آلاف دولار، وهو مبلغ هائل في ذلك الحين..


ولكن سرعان ما أدركت (موسكو) أن شبكة (سورج) تستحق هذا..
بل وما هو أكثر منه أيضاً..


فقد حقَّقت الشبكة اليابانية أوَّل انتصاراتها، عندما التقط أحد أفرادها، وهو الثري الياباني (أوزاكي)، محضر اجتماعات لجنة الدراسات الصينية، التي تحدَّثت عن رغبة (اليابان) في احتلال (منشوريا) الصينية..
ولقد حدث الغزو الياباني بالفعل، وكانت كارثة عسكرية على كل المستويات، إذ لم ينجح اليابانيون في احتلال (منشوريا) فحسب، وإنما أمكنهم احتلال شمال (الصين) كله أيضاً، وفرض هيمنتهم وسيطرتهم على مساحة واسعة من الأراضي الإستراتيجية..
وهنا، أدرك السوفيت أهمية وخطورة شبكة (سورج) اليابانية..
وبلا تردّد منحوا قائدها كل ما طلبه..


ثم فجّر (سورج) مفاجأة جديدة..
لقد أبلغ السوفيت أن الجيش الياباني في سبيله إلى الثورة، في فبراير 1936م، ثم لم تلبث ثورة الجيش أن حدثت، في التوقيت نفسه، وحملت في التاريخ اسم (حادث فبراير)..


وهنا تأكَّد السوفيت من أهمية عميلهم وقوته، وبراعته المذهلة في جمع وتحليل أخطر وأدق المعلومات..


وكان من الطبيعي -والحال هكذا- أن يتم تصنيفه باعتباره عميل نادر، على أعلى درجة من الأهمية والخطورة، وأن يتم إطلاع (ستالين) نفسه على تطورات عمله، أوّلاً بأوّل..


وخلال الأشهر التالية، توالت معلومات (سورج) وتحليلاته، على نحو مدهش، فأخبر (موسكو) باتفاقية التعاون العسكري، بين (طوكيو)
و(برلين)، وأيد قوله هذه المرّة بصور المستندات، الدالة على هذا..


وعندما اندلعت الحرب العالمية الثانية، عام 1939م، كان (سورج) أشهر وأقوى وأخطر جاسوس للمخابرات السوفيتية، في العالم كله، وكانت الشبكة اليابانية التي أقامها، هي أنشط شبكات الجاسوسية، ليس في تلك الفترة، وإنما في تاريخ المخابرات كله..


وعلى الرغم من اتفاقية الدفاع المشترك، التي وقَّعها (هتلر) مع (موسكو)، وصلت معلومات إلى السوفيت، من عميلهم الفذ (ريتشارد سورج)، تحمل مفاجأة مذهلة ومفزعة.
معلومات تؤكِّد أن (ألمانيا) ستهاجم الاتحاد السوفيتي قريباً..
وعلى الرغم من ثقتهم التامة في عميلهم (سورج)، شكك بعض قادة الجيش السوفيتي في المعلومة، وبدا لهم أنه من غير المنطقي أن يشن (هتلر) حرباً على (روسيا)، في الوقت الذي انشغلت فيه قواته كلها بضرب العاصمة البريطانية (لندن)، لدفع الأسد البريطاني إلى الانهيار والاستسلام..


وفي الثاني والعشرين من يوينو 1941م، بدأ (هتلر) بالفعل عمليته (بارباروسا)؛ لغزو الاتحاد السوفيتي..


وهنا انمحت آخر ذرة شك، في براعة (سورج) وكفاءته، ودقة ما يرسله من معلومات..


وهنا أيضاً، بلغ نشاط الشبكة اليابانية ذروته، وراحت معلوماتها تنهال على (موسكو)؛ لتنقل إليها أسرار اليابانيين أوَّلاً بأوَّل؛ إذ كان أخشى ما تخشاه (موسكو)، هو أن يستغل اليابانيون حربها مع النازيين، للانقضاض عليها من الخلف..


ونشطت شبكة (سورج) بكل قوتها، للبحث عن جواب هذا التساؤل القلق..


وعلى الرغم من حذره الغريزي، ودقته الفائقة، وشكوكه اللامتناهية، في كل من يتعامل معه، وقع (سورج) في الخطأ الذي يمكن أن يقع فيه أي رجل، مهما بلغت هويته..


لقد التقى ذات يوم بالراقصة اليابانية الفاتنة (كيومي)، وانبهر بها، وبجمالها الفتّان، وسحرها الطاغي، وأطلق لغريزته العنان معها، على الرغم من أنه لم يبد من قبل أبداً أدنى اهتمام بمثل هذه الأمور، حتى أنه لم ينتبه إلى أمر بالغ الأهمية والخطورة..


لقد كانت (كيومي) تعمل في الواقع، لحساب مكتب الجاسوسية المضادة الياباني..


ولكن، وكجاسوس خبير ومحترف، واصل (سورج) عشق (كيومي)، دون أن يمنعه هذا من مواصلة عمله، بنفس الدقة والاهتمام، متحدياً كل المخاطر كالمعتاد..


ثم فجأة وقعت في يده أخطر معلومة، يمكن أن يحصل عليها جاسوس على الإطلاق..


معلومة من مصادر عسكرية يابانية مطلِّعة، تؤكِّد أن (اليابان) لا تنوي أبداً خوض الحرب، في الجبهة السيبيرية، مكتفية بحروبها في (الصين)
و(الهند الصينية)..


وكانت هذه المعلومة تساوي الكثير..
والكثير جداً..


مع وصول هذه المعلومة الخطيرة إلى (موسكو)، ومع ثقتها الشديدة في قوة عميلها (سورج) وخطورته، نظراً لتاريخه السابق كله، اتخذت القيادة السوفيتية قراراً بالغ الأهمية والخطورة..


لقد قرَّر قادة السوفيت سحب ما يقرب من مليوني جندي، من الجبهة السيبيرية، مع كل معداتهم، ودفعهم لمواجهة الألمان في الغرب..


وكان أخطر قرار تم اتخاذه، في تاريخ الحرب العالمية الثانية على الإطلاق؛ إذ أنه يترك الجبهة اليابانية عارية تماماً، ويلقي بثقل السوفيت كله على الجبهة الألمانية..
وكانت نقطة تحوّل حاسمة، ليس في مسار محاولة الألمان لغزو الاتحاد السوفيتي فحسب، ولكن في مسار الحرب العالمية الثانية كلها..


لقد انهزمت (ألمانيا) النازية، أمام جنود (موسكو) وتراجعت، وظلت تتراجع وتتراجع خلال السنوات التالية، حتى انهزمت هزيمة ساحقة في النهاية، واندحرت على الجليد السوفيتي، وانهارت قياداتها، والسوفيت يدفعونها أمامهم، حتى (برلين) نفسها..


وكانت الهزيمة ساحقة ماحقة، في ذلك الحين، هوى معها الرايخ الثالث من حالق، وتحطّمت أسطورته بمنتهى العنف، حتى أن الفوهلر العظيم (أدولف هتلر) آثر الانتحار، على الوقوع في قبضة السوفيت أو البريطانيين..


أما (سورج) نفسه، فبعد أن حقَّق أعظم انتصاراته، وأبلغ المخابرات السوفيتية بأعظم معلومة، في الحرب العالمية الثانية كلها، وقع في خطأ بسيط، تخلّى خلاله عن حذره الأسطوري، الذي لازمه طيلة عمره..


لقد قرأ ورقة تحوي بعض الأسرار العسكرية، أمام (كيومي)، ثم مزّقها وألقى بها في سلة القمامة، على الرغم من أن ألف باء الجاسوسية، يحتم حرق الورقة، أو التخلُّص منها بأية وسيلة حاسمة، ويحذر تماماً من إلقائها في سلة المهملات، أو وسط القمامة..


وانتبهت (كيومي) للأمر..
ولأنها عميلة مخلصة ومحترفة، قامت (كيومي) بواجبها، وأبلغت الكولونيل (أوزاكي)، الذي أمر رجاله بجمع كل قصاصة ورق، في سلة قمامة (سورج)، وفرزها، وتجميعها، وإعادة لصقها..
ثم واجهه بتلك الورقة، قبل شروق شمس اليوم التالي..
وهكذا سقط (سورج)..
وسقطت شبكته اليابانية كلها..


المدهش للغاية، أن تلك المعلومة الأخيرة، التي لم يجد (سورج) الوقت لإرسالها إلى (موسكو)، في تلك الفترة، والتي ألقي القبض عليه بسببها، كانت أيضاً كفيلة بتغيير مسار الحرب كلها..
كانت معلومة تقول: إن الطائرات اليابانية تعتزم الهجوم على ميناء (بيرل هاربور) الأمريكي، فجر السادس من نوفمبر التالي..


وعند محاكمة (سورج)، بدا شامخاً قوياً مهيباً كعادته، وبدت نظراته حادة صارمة، تخيف وترهب قضاته أنفسهم، حتى وهو يتلقَّى مع (أوزاكي) الحكم بإعدامهما رمياً بالرصاص..


وفى السابع من نوفمبر 1944م، تم تنفيذ حكم الإعدام في الدكتور (ريتشارد سورج)، خبير العلوم السياسية، ومراسل جريدة (زيتونج)، والجاسوس السوفيتي، الذي حمل لقباً فريداً، بين كل الجواسيس، الذين عرفهم التاريخ..
لقب (الأستاذ)..


ونُكّست الأعلام في الاتحاد السوفيتي كله، حداداً على مصرعه..
وتم إصدار طابع بريد يحمل صورته..


ولكن هذا لم يحسم أسطورته..


فلسبب ما بدأ يتردّد خفية أن (سورج) لم يلق مصرعه فعلياً، وأن اليابانيين قد أطلقوا سراحه، بموجب صفقة ما...


ولم تؤيد اليابان هذا أو تنفِه، ولكن الراقصة الفاتنة (كيومي) أنهت فقرتها ذات ليلة بفزع شديد، لتخبر صديقاتها، وهي ترتجف في رعب، أن (سورج) بين روّاد الحانة، وأنه عاد ليقتلها، جزاء ما فعلته به..
ولم يصدّقها أحد.


وماتت (كيومي) في حادث غامض ذات ليلة تالية، لتترك خلفها لغزاً يرتبط بأخطر الجواسيس قاطبة..


(سورج)..


(ريتشارد سورج) ..



صاحب الوجوه الثلاثة..



الذى استحق عن جدارة لقب وما زال يحمله

الى الان ويحلم الكثيرون به ( الاستاذ )

سورج
الجاسوس الذى غير مجرى الحرب العالمية



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الجاسوس الذى غير مسار الحرب العالمية الثانية (02)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الونشريس للتربية و التعليم :: عمال الثانوية :: متدى مكتبة الثانوية :: شخصيات :: شخصيات وطنية و عالمية-
انتقل الى: