المساهمات : 558 تاريخ التسجيل : 25/10/2007 الموقع : www.donyawadine.kalamfikalam.com
موضوع: زيغود يوسف السبت 02 فبراير 2008, 12:28
زيغود يوسف 1921-1956
ولد الشهيد زيغود يوسف، قائد المنطقة (الولاية) الثانية في السنوات الأولى للثورة وعضو مجموعة الـ22 التاريخية، يوم 18 فيفري 1921 بدوار الصوادق بسمندو قرب سكيكدة، وهي البلدية التي صارت اليوم دائرة تحمل إسمه بولاية قسنطينة.
ينحدر الشهيد من أسرة معروفة بتدينها ووطنيتها العميقة (1)، أبوه يسمى السعيد، وأمه هي بنت عيراني محمد (2). عاش الطفل يوسف على غرار أقرانه من الجزائريين طفولة قاسية، خاصة وأن والده توفي بعد ميلاده بأشهر قليلة(3)، وهي الحادثة التي أجبرت والدته على التنقل من قرية الصوادق حيث ولد، إلى الإقامة ببلدية سمندو، وهذا رغبة منها في إدخال إبنها إلى المدرسة.
بالموازاة مع تردده على الكتاب لحفظ ما تيسر من القرآن الكريم، دخل البطل المدرسة الفرنسية، وبعد تحصله على الشهادة الإبتدائية غادر مقاعد الدراسة في بداية الثلاثينات تحت ضغط الحاجة والفقر، كما أن العدو لم يكن يسمح لأبناء الشعب باجتياز هذا المستوى التعليمي، إلا لمن كان يحظى بنفوذ أو جاه لدى سلطات الإحتلال(5). وأمام هذا الوضع اضطر الشهيد للتحول إلى الحياة العملية، فتعلم الحدادة والنجارة، وصار ماهرا فيهما، حتى قيل أنه كان يملك يدا سحرية في مجال الصنعة، ولو كان زيغود في مجتمع متقدم لكان واحدا من كبار الصناع أو المخترعين.
بالموازاة مع انضمامه إلى الكشافة الإسلامية الجزائرية، مدرسة الوطنية، انخرط الشهيد "سي امحمد" وهو اسمه الثوري في صفوف حزب الشعب الجزائري، وأصبح المسؤول الأول بقريته سنة 1938 وهو لا يزال في عنفوان الشباب، واستمر على ذلك يبذل من جهده الكثير في سبيل القضية المقدسة، ومتحديا غطرسة الإستعمار وأذنابه، الشيء الذي جعله يتخذ مثلا يحتذى به في السلوك والخصال الحميدة والتمسك بالأخلاق الإسلامية والوطنية العليا(7). الأمر الذي مكنه من النجاح في تنظيم مظاهرات 08 ماي 1945 السلمية بناحية سمندو حيث رفع العلم الوطني الذي خاطته زوجته بمساعدة إحدى جاراتها، وكذلك اللافتات التي حملت شعارات وطنية(8. وحسب بعض المصادر فإن السلطات الإستعمارية ألقت القبض على الشهيد في أعقاب المظاهرات وأودعته السجن ثم أطلقت سراحه بعد فترة من الإعتقال.
في سنة 1947 برز زيغود يوسف كمرشح لحركة الإنتصار للحريات الديمقراطية في القوائم الإنتخابية لبلدية سمندو وفاز في هذه المعركة باستحقاق كبير رغم مكائد الإدارة الإستعمارية وألاعيبها التزويرية، ليصبح بذلك نائبا لرئيس البلدية في الفترة ما بين 1947 و1949.وفي خضم نشاطه النضالي وتطلعاته الواسعة واتصالاته الحثيثة بالمسؤولين الكبار في المنظمة السرية L’OS لحركة الإنتصار، أشرف زيغود على تنظيم هذا الجهاز شبه العسكري وعمل على تطوير نشاطه بالمنطقة. وعلى الرغم من الحيطة والحذر الكبيرين اللذين ميزا مناضلي وأعضاء هذا التنظيم، إلا أن البوليس الفرنسي تمكن من اكتشاف أمره سنة 1950 على إثر ما عرف بحادثة "تبسة" أو "مؤامرة 1950". فتعرض خلالها مئات المناضلين للإعتقال في عدة مدن وقرى من التراب الوطني، وكان زيغود من بينهم، حيث أودع سجن عنابة، غير أنه فكر في الهروب منه قبل حلول موعد محاكمته. هكذا، وبعد محاولة أولى فاشلة، تمكن سي امحمد من الفرار في المحاولة الثانية بعد تمكنه من صنع مفتاح لباب سجنه بواسطة أدوات ووسائل بسيطة، وكيف لا يتمكن من ذلك وهو الحداد المتمرس. ووقع الإختيار على ليلة 21 أفريل 1951 لتنفيذ الخطة، فهرب شهيدنا رفقة ثلاثة من المناضلين هم: بركات سليمان، عمار بن عودة وعبد الباقي بخوش، الذين وبعدما صاروا أحرارا قطعوا الجبال والوديان حتى وصلوا إلى مسقط رأس زيغود أين أواهم الشيخ بوشريحة بولعراس.
واصل زيغود يوسف نشاطه الدؤوب سرا بعد ذلك في منطقة الأوراس، ثم عاد مجددا إلى نواحي قسنطينة بعد حدوث أزمة حركة الإنتصار عام 1953. وهنا بدأ التفكير في الإعداد للعمل المسلح، وكان زيغود يوسف في هذا الإطار من المناضلين الأوائل الذين حضروا اجتماع المدنية بالعاصمة في ربيع سنة 1954 والذي عرف تاريخيا باجتماع مجموعة الـ22 التاريخية الذي تقرر خلاله إعلان الثورة.
كما تمخض عنه تعيين الشهيد كنائب أول لقائد المنطقة الثانية (الشمال القسنطيني) ديدوش مراد، الأمر الذي مكنه من المساهمة مع بقية المسؤولين في الإعداد للثورة بتلك الجهة. وما إن انطلقت الرصاصة الأولى ليلة الفاتح من نوفمبر 1954، حتى كان "سي امحمد" يشرف بنفسه على الهجومات التي قام بها الفوج الأول من المجاهدين على ثكنة الجندرمة بمدينة سمندو.
بعد استشهاد القائد، ديدوش مراد، رفيقه في الكفاح يوم 18 جانفي 1955 في معركة وادي بوكركر، أسندت قيادة المنطقة إلى زيغود يوسف، فأبلى البلاء الحسن وواصل المشوار على أكمل وجه. ولا أدل على ذلك من النجاح الباهر الذي حققته هجومات 20 أوت 1955 على المستوى العسكري، السياسي والإعلامي، والتي وصفت بالثورة الثانية بعد ثورة أول نوفمبر.
إلى جانب كل هذا لعب الشهيد دورا بارزا في مجال التنظيم والتخطيط السياسي للثورة، فمشاركته في مؤتمر الصومام يوم 20 أوت 1956 كانت نوعية وبواسطة وفد هام، والأمر نفسه ينطبق على عضويته في المجلس الوطني للثورة الجزائرية، الهيئة القيادية العليا للثورة، بعد أن رقي إلى رتبة صاغ ثاني (عقيد).(11)
في ليلة 23 سبتمبر 1956 سقط زيغود شهيدا بعد كمين نصبته له قوات العدو، وهو في طريقه لأداء إحدى المهمات مع أربعة من مرافقيه، وهذا بعد معركة ضارية، وشاء القدر أن يستشهد البطل في نفس المكان الذي استشهد فيه ديدوش مراد (وادي بوكركر).