dali عضو متميز
المساهمات : 545 تاريخ التسجيل : 03/01/2008
| موضوع: جاء القرآن لإصلاح البشرية كلها وليس للمسلمين وحدهم 30/01/08 السبت 02 فبراير 2008, 13:23 | |
| أكد الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة (المشرف العام على مؤسسة "الإسلام اليوم") أمس الثلاثاء، أن رفعة المسلمين تكمن في التمسك بالقرآن الكريم، كلمةِ الله إلى البشرية جمعاء والحبل الواصل بين الله عز وجل وخلقه.. وقال العودة -في محاضرة بعنوان "القرآن وإصلاح المجتمع" بمسجد الشيخ حمد بن خالد آل ثاني بالعاصمة القطرية الدوحة، ونقل على قناة "الجزيرة مباشر"-: إن الرفعة ليست بالأنساب ولا القبلية ولكنها بالعلم والمعرفة والتقوى والإيمان، في حين إن التأخر يكون بالغفلة عن القرآن الذي أودعه الله عز وجل ما يحتاجه الإنسان ويحقق له السعادة في الدارين: الدنيا والآخرة. فالقرآن هو نعمة الله التي تكَفَّل بحفظها للبشرية بحفظه في صدور الصحابة الكرام الذين كانوا يحفظونه أيضًا في الألواح الرقاع و ..."، فلا يقلقنا ظهور مخطوطات للقرآن ترجع إلى القرن الأول من الإسلام والتي لا تختلف عن نسخة القرآن الموجودة اليوم، على خلاف الكتب السماوية الأخرى التي طالها التحريف، فتجد أن بعض النسخ تختلف عن الأخرى. وأوضح العودة أن الإعجاز المدهش هو أن ينزل هذا القرآن على أمة "أمية" لا تقرأ ولا تكتب ومع ذلك سارعت إلى حفظه وقراءته وتلاوته، مشيرًا إلى أن القرآن ليس من "السهل الممتنع" كما يصفه البعض، ولكنه من "السهل المعجز" الذي تحدى به الله عز وجل الكفار والمشركين وأئمة البلاغة والفصاحة والذين عجزوا عن الإتيان ولو بآية من مثله. ولفت العودة إلى أن من خصائص القرآن "الشمولية"؛ فالقرآن ليس كتابًا في الدين وحسب، ولكنه كتاب للحياة كلها؛ ففيه شؤون الدين والدنيا والآخرة والعلاقات والأخبار والقيم، بل إن القرآن اشتمل أيضًا على أصول الحياة؛ مثل أصول الطب والاقتصاد والسياسة، حتى أنه لا توجد فكرة صحيحة إلا ولها ما يدل عليها ويشهد لها في القرآن الكريم. وقال العودة: إن هناك الكثير من المآخذ على تعاطي وتعامل المسلمين مع القرآن الكريم منها: أولاً: الحرص على قراءة القرآن للتبرك أو قراءته دون التركيز على تدبر المعاني واستنباط الأحكام أو في المآتم للحصول على أجر القراءة. ثانيًا: إن البعض يقدم الكثير من المألوفات الاجتماعية والفقهية والثقافية على القرآن الكريم. ويشير الشيخ إلى أن بعض المسلمين، ونظرًا لقلة معرفتهم يميلون إلى ترجيح ما سمعوه أو ألفوه اجتماعيًا أو ثقافيًا أو فقهيًا على القرآن الكريم، بخلاف الجيل الأول من المسلمين، والذين كانت مألوفاتهم لا قيمة لها إذا اختلفت مع ما جاء به القرآن الكريم. ثالثًا: من المسلمين من قد غاب عنه الانتفاع بالقرآن الكريم وتقديمه، حتى إن بعض طلاب العلم المبتدئين يقدمون بعض الأحاديث التي يسمعونها من بعض الأشخاص دون التأكد من صحتها أو ضعفها، ويحرصون على العمل بها، في حين يتجاهلون الكثير من الأحكام والتعاليم التي وردت بالدليل القطعي في القرآن الكريم. رابعًا: إن الكثير من المسلمين غاب عنهم "تفعيل القرآن في الحياة". وإن القرآن أصبح يُقرأ في المأتم أو على الأموات ويستأجرون من يقرأ عليهم، مما طبع في أذهان الكثير من العوام أن القرآن يقرأ في الأحزان فقط، في حين إن القرآن جاء للطمأنينة وسكينة النفس والفرح والغبطة والسرور، بل إن القرآن جاء أيضًا لإحياء القلوب والعقول والأبدان، حيث إن القرآن وضع الشرائع التي بها حياة الناس. خامسًا: إن بعض المسلمين يحرص على قراءة القرآن دون تدبر معانية، حيث إن من الأخطاء التي يقع فيها الكثير المبالغة في الحفظ على حساب المعنى. سادسًا: ظن البعض بأن مرور الزمان يقلل من صلاحية القرآن في الهداية، حيث أكد الشيخ أن هذا خطأ على الإطلاق، فالقرآن هو كتاب هداية مطلق، متى فهمه الإنسان فهمًا صحيحًا، وأن هداية القرآن ليست مرتبطة بظرف أو زمان، ففي كل الظروف هناك هداية ربانية، القرآن الكريم له صفة الإطلاق والقطعية والتي لا يتصف بها غيره من الكتب السماوية. كما أن القرآن يُعني بالكليات والأمور العامة والأصول الثابتة التي لا علاقة لها بالمتغيرات.كما أن إعجاز القرآن هو إعجاز علمي يصلح في كل زمان ومكان، كما أن القرآن نزل للناس جميعًا على كافة مستوياتهم. وفيما يتعلق بعلاقة القرآن بالإصلاح، أكد العودة أن مَهمة الرسل جميعًا هي السعي للإصلاح بقدر المستطاع، كما أن الإصلاح ضد الفساد والذي نهى الله عز وجل في كتابه العزيز عنه. كما أن القرآن جاء لإصلاح الأرض والبشرية وليس لإصلاح المسلمين فقط. وتساءل العودة: لماذا يركز الناس على الفساد السلوكي دون غيره من أنواع الفساد المالي واللغوي والسياسي والإعلامي والمعرفي؟!، لافتًا إلى أن صورة الإصلاح في القرآن صورة شمولية؛ منها: إصلاح العقيدة وتعريف الناس بربهم، مشددًا على أنه حينما يأتي القرآن بما يخالف أمزجتنا، لابد وأن نذعن ونسلم عقولنا ومواجدنا للقرآن الكريم. وأوضح العودة أن القرآن يسعى لإصلاح بعض المفاهيم غير الواضحة لدى كثير من المسلمين، كمفهوم "القضاء والقدر"، حيث هناك كثير من المسلمين يسئ فهم القضاء والقدر، حتى تحول البعض إلى الجبرية والقعود، مثل بعض المسلمين في نيجيريا والهند، والذين يسكنون بيوتًا من الصفيح لأن البعض منهم فهم أن القضاء والقدر هو الاستسلام والتوقف عن العمل. وأضاف العودة أن هناك أيضًا من يسيء فهم "الزهد"، حيث إن كثيرًا من المسلمين ظنوا أن دينهم يحثهم على الفقر، وهو فهم خاطئ، فالمسلم وإن ابتلي بالفقر إلا أن عليه أن يدعو الله أن يدفع الفقر عنه، فإنه "ليس للفقر فضيلة إلا للصبر عليه". كذلك فإن الكثير من المسلمين يسيء فهم "الجهاد"؛ حيث يرون إن الجهاد هو التحرك لإكراه الناس على الدخول في الإسلام، وهذا لم يشهد له الإسلام، الذي يرى أنه لا إكراه في الدين، كما أن القرآن يوضح أن المسلمين لا يقاتلون إلا من يقاتلهم ويسعى للقضاء على دينهم، كما أن مفهوم الجهاد أوسع من مفهوم القتال؛ حيث يمتد ليشمل جميع مناحي الحياة. إضافة إلى ذلك فإن من الأمور التي يسيء الكثير من المسلمين فهمها: "القربات والطاعات"؛ فكثير من الناس يرى أن التقرب إلى الله يكون بالصلاة والصوم فقط، في حين إنه يضاف إلى ذلك احتضان المسلم لطفلته وعطفه عليها، كما أن وضع المسلم اللقمة في فم زوجته تقربٌ إلى الله عز وجل. وأشار العودة إلى أن القرآن يسعى إلى "صناعة الاهتمامات في النفوس"؛ فالكثير من المسلمين يركزون على قضايا ليست من الأهمية بمكان في الإسلام، في حين إن القرآن يحدد لنا أولويات القضايا، التي يجب أن تحظى باهتماماتنا، بينما نهتم نحن بقضايا لم يعطها القرآن أي أهمية. كما أن القرآن يهدف إلى صناعة الثقة في المبدأ لدى المسلمين، فالقرآن بإعجازه وثبوته وبلاغته، يمنح المؤمن ثقة كبيرة بإيمانه، فلا يكون المؤمن خائفًا مترددًا، ولكن يكون متوكلاً على ربه عز وجل. كما أن المؤمن لابد وأن يكون عنده إقدام، أما الخوف من كل جديد ومبتكر، إنما هو ناتج عن ضعف الثقة في الله وضعف الثقة بالمبدأ. وأضاف العودة أن القرآن يسعى إلى صناعة الثقة في النفس والقدرة والطاقة، حيث يمنح الإنسان الأمل والثقة والتفاؤل والرضا بما عند الله والتفاؤل بإجابة الدعاء. كما أن القرآن يعوّد الإنسان على تحمل المسؤولية.. ولفت العودة الانتباه إلى أن الكثير من المسلمين يبالغون في اعتقاد المؤامرة، وأننا كمسلمين نبالغ في أن الغرب يستهدفنا. وعدَّد الكثير من أصول الإصلاح في القرآن، وذكر منها: أولاً-: صناعة التعايش: فالقرآن الكريم ربى الأمة المسلمة على كيفية التعامل والتعايش مع الأمم الأخرى، قال تعالى: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا...» (الحجرات:13)، وقال تعالي: « وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ» (البقرة: 83). ثانيًا- بناء الحياة: فالقرآن الكريم جاء لتأسيس أصول الحياة وبناء الحياة ونشر العدالة والمساواة بين الناس، قال تعالى: «وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ» (الإسراء: 70).كما أن القرآن دعا إلى الحرية والكن الحرية المسؤولة في الإسلام وليست الفجور أو الإباحية. ثالثًا-: الدعوة للإعداد للمستقبل: فمن نظم القرآن في الهداية والإصلاح "الإعداد للمستقبل"، مثلما جاء في رقصة سيدنا يوسف: «قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ» (يوسف:47)، فالقصة ليست استثناءً، ولكنها دعوة للمسلمين جميعًا للتخطيط والإعداد للمستقبل. رابعًا:- القدرة على الاستيعاب: لقد استوعب القرآن الحضارات السابقة؛ فالقرآن الذي هو منهاج الإسلام لم يأت للقضاء على الحضارات السابقة، ولكن لتقويمها وتصليحها وتعديلها، والاستفادة من تجاربها، ولقد رحب الإسلام بكل منجزات البشرية، والتي لا تتعارض وإنسانية الإسلام. خامسًا:- ركز القرآن على قاعدة البشرية وليس الملائكية: لقد ركز الإسلام على قاعدة البشرية وليس الملائكية فقال تعالى: «... وَعَصَى آَدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى * ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى» (طه: 121،122)، كما أن باب التوبة والذي هو من أعظم نعم الله على البشرية دليل على هيئة الإنسان البشرية وأن تصور الحالة الملائكية للبشر ليس له واقع، فالصحابة رضوان الله عليهم، اختلفوا وأخطئوا، حتى في بيت النبوة كانت تقع بعض المشكلات بين نساء الرسول صلى الله عليه وسلم. وهو سر ومن أسرار عظمة الله عز وجل. سادسًا-: قاعدة التدرج: أي التدرج في الأحكام، والتدرج في كل شيء. قال تعالى: « وَقُرْآَنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا» (الإسراء: 106)، أي: نزل مفرقًا على 23 عامًا على مكث لتعْلِمَ الناس بما فيه. | |
|