biblioman عضو متميز
المساهمات : 558 تاريخ التسجيل : 25/10/2007 الموقع : www.donyawadine.kalamfikalam.com
| موضوع: هل ستدوم الأحادية القطبية طويلا ؟ الإثنين 18 فبراير 2008, 00:54 | |
| هل ستدوم الأحادية القطبية طويلا ؟ احدث انهيار الاتحاد السوفيتي أكبر تغيير في العلاقات بين قوى العالم منذ الحرب العالمية الثانية فبسقوط موسكو الهائل من مرتبة القوى العظمى التي ازالت بنية القطبية الثنائية التي ظلت تشكل السياسات الأمنية للقوى الكبرى لفترة تناهز النصف قرن، وبرزت الولايات المتحدة الأمريكية باعتبارها الدولة العظمى الوحيدة التي استطاعت الصمود لغاية الآن حيث أصبح المحللون يتحدثون عن الولايات المتحدة الأمريكية باعتبارها دولة الصدارة أو الدولة التي لا غنى عنها.
ترتكز القطبية الأحادية على دعامتين الأولى هي حجم فجوة القوة التي تفصل بين الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأخرى وشمولها وتعني فجوة القوة الشاملة من بين ما نعني أن أي تغيير يجب أن يكون قوياً ثابتاً ليحدث اثارا بنيوية أما الدعامة الثانية وهي الجغرافيا فلا تقل في أهميتها عن الأولى، فبالإضافة إلى كل المزايا الأخرى التي تمتلكها الولايات المتحدة يجب أن تضع في الاعتبار حلفاءها الأربعة الأكثر وثوقاً، كندا، المكسيك، المحيط الأطلسي،المحيط الهادي، فالموقع الجغرافي مهما كان وجود القوة السوفياتية في قلب اوراسيا شرط أساسي لتحقيق القطبية الثنائية كذلك يحدد وضع الولايات المتحدة الأمريكية كقوة تحيط بها المياه طبيعة القطبية الأحادية ديمومتها المحتلمة.
يصور الكثير من الباحثين القطبية الأحادية على أنها نظام هش وذلك بإغفالهم كل المعوقات التي تعترض حدوث توازن في العالم الحقيقي، فلو كان التوازن هو النشاط الخالي من التشاحن والكلفة الذي تفترضه بعض نظريات توازن القوى فإن القوة الأحادية القطبية ستحتاج إلى أكثر من 50% من القدرات الموجودة في نظام القوى الكبرى لتجنب حدوث ثقل مضاد، ورغم أن الولايات مستوفية لهذا الشرط اليوم فإن هذا التفوق قد يتآكل بسرعة في عالم افتراضي من التوازنات الخالية من المشاحنات.
لو كان الإتحاد الأوروبي دولة لأصبح العالم ثنائي القطبية ولكي تخلق أوروبا توازنا قويا عالمياً فيجب أن تعلق ميزان القوى محلياً. ان مسألة أي الموازين أهم للاوروبين فهذه مسألة لن تحل بسرعة وأي عالم تكون فيه أوروبا قطباً فسيكون عالماً تقوم فيه كل من بريطانيا وفرنسا بإدماج قدراتهما التقليدية والنووية ولا تأبه لان تكون كل هذه القدرات تحت سيطرة المانيا وقد يترك الاتحاد الأوروبي في هذا الاتجاه ولكن في غياب صدمه كبيرة سيكون هذا التحرك بطيئاً للغاية وشديد الغموض لان الزعامة العالمية تتطلب عملية صنع قرار سريعة ومترابطة في أمور إدارة الصراعات والأزمات والمسائل المالية الدولية وستظل أوروبا مفتقرة لهذه القدرة لفترة من الزمن.
أما عودة ظهور قطب من اوراسيا الوسطى فذلك أمر أبعد، فالمشكلة هناك لاتقتصر على ان القوى الإقليمية الرئيسية ليست في وضع موازنة روسيا الصاعدة وإنما يزيد عليها ان روسيا تستمر في التدهور فالدول لاتصعد بالسرعة نفسها التي سقطت بها روسيا ولكي تستعيد روسيا قدراتها لتصل إلى مرئية القطب تحتاج إلى جيل وبشرط ان يسير كل شيء على ما يرام وأما لكي يظهر قطب آسيوي بسرعة فسيلزم ان تقوم اليابان والصين بإدماج قدراتهما وكما هو الوضع بالنسبة إلى أوروبا واورواسيا الوسطي لا بد من أن يحدث أمر عظيم ((جلل)) في عالم السياسة قبل ان تكون طوكيو أو بكين على استعداد لتسليم أحداهما للأخرى بزعامة قطب واحد.
في الختام اعتقد ان الطرق السريعة المؤدية إلى القطبية مغلقة ولو كانت الدول تقيم أهمية لاستقلالها فسيفضل معظمها البنية الحالية على أي بنية متعددة الأقطاب ترتكز على قطبيات أحادية إقليمية فالنتيجة النهائية هي ان بعض القوى الكبرى ستكون لها القدرة على مواجهة الولايات المتحدة الأمريكية إما بمفردها وإما بمحالفات قوى كبرى تقليدية تستوجب ثمناً تدفعه من أمنها ومن حكمها الذاتي اقل من ذلك الذي تستوجبه القطبية الأحادية وحتى بافتراض ان فرق زيادة القوة ليس في صالح الولايات المتحدة فان تكوين تحالفات لموازنة القوة الأمريكية ستظل لعقود طويلة على الأرجح أكثر كلفة على الدول من التكلفة التي يدفعها القطب الواحد للحفاظ على نظام تحالفات يعزز سيطرته.
| |
|