Ghost عضو متميز
المساهمات : 512 تاريخ التسجيل : 20/11/2007 العمر : 37 الموقع : www.ammimoussa.fr.gd
| موضوع: الغيرة على دين الله الأربعاء 05 ديسمبر 2007, 15:01 | |
| الغيرة على دين الله
الحمد لله ذي الكرمِ والجود، أحمدهُ وأشكره، وأعبدهُ وهو خيرُ معبود، وأشهدُ أن لا إله إلاِّ الله وحدهُ لا شريك له، إنَّهُ هو الغفورُ الودود، وأشهدُ أن محمداً عبدهُ ورسوله خيرُ من صلى وصام، وجاهدَ واستقام، وأوفى بالعقودِ- صلى الله عليه وسلم - وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان، من القائمين والصائمين، والركع السجود وسلم تسليماً.
أمَّا بعد.
[يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌٍ] (المائدة: 54). بعيداً عن جوِّ هذا الزمان القاتم بغبارِ الالتزام الأجوف، والمشوه بغترِ السلبية المُفرطة، والمظهريةِ الجوفاء، نحلقُ في فضاءِ الجيل السالف المعطر بورودِ الإيجابية، ونتفيؤ ظلالَ شجرةِ البذلِ والعطاء، والتضحيةِ والفداء. نعودُ بذكرياتنا إلى الصورِ الرائعة، لسلفِ هذه الأمة، حيث يتجلى الإيمانُ الحقُّ، وتبرزُ حقيقة الهمِّ لهذا الدين.
تنقلنا الذاكرةُ إلى سوق بني قينقاع، حيثُ يعتدي يهودي على امرأةٍ مسلمة، ويكشفُ عورتها، فتثورُ ثائرة مسلمٍ ويأبى الدنية في دينهِ، وينهضُ بكلِّ عزةٍ وإباء، ويقتلُ ذلك اليهودي رغمَ أنَّهُ بين أهلهِ وقومه. إلى موقفِ شابٍ لم تمنعهُ حداثةُ عهدهِ بالزواجِ، من الاستجابةِ لداعي الجهاد، فيخرجُ من زوجهِ وهو جنب ليلقى ربه شهيداً في أحد، فيحظى بتغسيلِ ملائكةِ الرحمة، ويُلقبُ بغسيلِ الملائكة، إنَّهُ حنظلةَ بن أبي عامر.
إلى موقف امرأةٍ مسلمةٍ تُشاهد استعدادات المسلمين، وبذلهم لتجهيزِ جيشِ المسلمين في إحدى المعارك، فلا تجدُ ما تُساهم به إلاَّ أن تقص شعرها، وتجعل منهُ ظفائرَ لخيلِ قائد جيش المسلمين، إلى مجموعةٍ من صحابة رسول الله- صلى الله عليه وسلم - دفعهم الحماسُ للدين إلى أن يأتوا رسول الله- صلى الله عليه وسلم - يسألونهُ أن يحملهم للجهاد، ولمَّا لم يجد ما يحملهم عليه، تولوا وأعينهم تفيضُ من الدمعِ حُزناً ألا يجدوا ما يُنفقون، إلى موقف عُمير ابن أبي وقاص وهو شابٌ لما يبلغ الحُلم، يختفي في أحدَ المعاركِ خلف الرجال، حتى لا يراهُ رسول الله- صلى الله عليه وسلم - فيرده، ولما رأه- عليه الصلاة والسلام - وردَّهُ جعل يبكي، فأشفق عليه المصطفى- صلى الله عليه وسلم - وأذن له بالجهاد، فعقد لهُ أخوهُ سعد حمائلَ سيفهِ، فجعلت تخط في الأرض.
إلى عبد الله بن حذافة السهمي، وهو مأسوراً عند الروم، فيجوعُ ويعرضُ عليه الخمر ولحم الخنزير، فيأتي ويقول: أما إنِّي أعلمُ أنَّها قد حلت لي بالضرورة، ولكن كرهتُ أن أشمتكم بالإسلام. إلى وإلى ما لا يحصر، والصورُ المثاليةِ التي تذكر فيهتزُ لها القلبُ طرباً وشوقاً إلى أمثالها. إنَّ موقفَ هذا وذاك، وتلك وأولئك، ينطلقُ من شعورٍ واحد، هو الغيرة على هذه الدين، والإحساسُ بالمسؤولية، والحميَّة للمبادئ التي آمنوا بها. إنَّ الغيرةَ على دينِ الله وحُرما ته، من صفاتِ المؤمنين الأعزاء، فهي من مقتضياتِ الإيمان، تقوى بقوته وتضعفُ بضعفه، وتفقدُ الغيرة حيثُ لا يكون القلبُ مؤمناً، وفي الحديث: ((المؤمنُ يغارُ واللهُ أشدُّ غيرة)). الغيرةُ هي التألمُ والغضبُ على حقٍّ يُهانُ ويُقهرُ، أو باطلٌ يحمى وينصرُ، وينتجُ عن هذا التألم والغضب، مساندة الحقِّ ومقاومةَ الباطل ودحره.
يا مسلمون: إنَّ من الغيرةِ على دينِ اللهِ الوقوفُ مع الحقِّ، ومناصرة أهل الحقِّ والخير، ومناورة الباطل، ومقاومةُ المبطلين والمفسدين، مهما كانوا ولو كانوا أولى قربى.
الغيرةُ على دينِ الله تتمثلُ فيمن ينظرُ إلى الدليلِ ويصدعُ بالحقِّ ولو كره المنافقون. الغيرةُ على دينِ الله تكون بالمساهمةِ في نشره، والدعوة إليه، والجهاد في سبيلهِ بالنفسِ أو بالمال. إنَّ الغيرةَ على دينِ اللهِ تشجيعُ كل مجالاتِ الخيرِ وسبل الدعوة، فحضور المحاضرات، والدعوةُ وإحياءِ الدروس العلمية، ونشر الكتاب والشريط الإسلامي، والكتابة في الصحف والمجلات دفاعاً عن الإسلام ومبادئه، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كل هذا يُعدُّ صورةً من صورِ الغيرةِ على دين الله، وبهذه الخطوات تُقمعُ راية النفاق، وتؤد خطوات التغريب.
الاعتزازُ بالدين، والافتخارُ بالانتساب إليه، والتمسكُ بشعائرهِ الظاهرة والباطنة، والتفاعلُ مع قضايا المسلمين، كلُّ ذلك مظهرٌ من مظاهر الغيرة.
إنَّ من الغيرةِ على دينِ الله، مُناصرةُ المسلمين وقضاياهم، والتألم لآلامهم والفرحُ بآمالهم، ولقد كان التحامُ المسلمين، ونصرة كل منهم لأخيه مثالاً فريداً في تاريخ التلاحم والتواصل والتنا صر، سواءً على مستوى الأمة أو الأفراد، ولن ينتصرَ المسلمون إلاَّ إذا تحقق فيهم بعد صفاءَ العقيدة، حبُّ المسلم لأخيه ما يُحبُ لنفسه، وشعوره بآلام أخيهِ كشعورهِ بما يصيبهُ هو، وحبُّ نصرته كما يُحبُّ أن ينصره هو، والله ينصر من ينصره وهو القوي العزيز، وإذا كانت أوضح صورِ النُصرة هي الجهادُ بالنفسِ في سبيل الله، فإنَّهُ ومع وجود المعوقات في طريقه، حيثُ أصيبت الأمةُ بالوهن؛ حبُّ الدنيا وكراهيةُ الموت، فمع ذلك فإنَّ صور النُصرةِ للمسلمين كثيرة.
فالذبُ عن عرضِ المسلم وسُمعتهِ، والرد على أهل الباطل الذين يُريدون خدش كرامة المسلمين، والدعاءَ للمسلمين في ظهر الغيب، وتتبع أخبارهم، والوقوفُ على أحوالهم، كلُّ هذه تحققُ للإنسان معنى النُصرةِ وتجعلهُ عضواً عاملاً صالحاً في كيانه الإسلامي.
وفي وقتٍ يتكالبُ أعداءُ الله على المسلمين، يغزونهم في عقرِ دارهم، ولا يجدُ هؤلاءِ المسلمون ما يدفعون به عن أنفسهم وأعراضهم وأحوالهم وأوطانهم، وقذائفُ الأعداءِ تُمزقُ لحومهم وتهشمُ عظامهم، وتقطعُ أجسامهم، في هذا الوقت يتأكدُ الجهادُ بالمال غيرةً على دين الله، ومُناصرةً للمستضعفين من المسلمين.
يا مسلمون: إنَّ ضعفَ الغيرة على الدين أو فقدها، نقيصةً تنزل بصاحبها إلى الحضيض. ألا وإنَّ من علامات فقدِ الغيرةِ، الهمُّ والحزن لعلو الحقِّ، والمسرةُ لانخفاضهِ والشماتة بالمنكوبين من المسلمين، والتوجعُ لفواتِ الباطلِ والفرح بحصوله أو إدراكه. ومن علاماتِ فقد الغيرةِ الانقباضُ عند ذكر الصالحين وأحوالهم، ما لا يستأنس لولاة الكافرين والثناء عليهم، إنَّ المسلم الغيور هو الذي لا يُغريه طمعٌ، ولا تخيفهُ رهبةٌ عن قول الحقِّ، فيدعو إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، وينكرُ المنكر بحماسٍ منضبط بضوابط الشرع.
إنَّ الغيرةَ على دينِ الله يجب أن تكون هاجسُ كل واحدٍ منا، وهماً في عروق كل مسلم صغيراً كان أم كبيراً، ذكراً ًكان أم أنثى، عالماً أو جاهلاً، صالحاً أو فاسقاً، فلا يصحُّ أن تكون الذنوبُ والخطايا حاجزاً وهمياً بين العبد وبين العمل الإيجابي لهذه الدين، نريدُ أن يكون همَّ هذا الدين يلاحقُ المرأةَ في بيتها، والرجلُ في متجره، والمعلمُ في فصله، والطالبُ مع زملائه، والموظف في دائرته، بل ويحملهُ الشاب على الرصيفِ وفي مدرجاتِ الملاعب، فلم تكن الخطيئةُ يوماً مهما عظمت حائلاً بين المسلمِ وبين أن يُساهم في نُصرةِ هذا الدين، فقد ذهب بعضُ الصحابة إلى غزوة أُحد بعد ليلةً من شرب الخمر كما في البخاري، اصطبح أناسٌ الخمر يوم أُحد ثُمَّ قُتلوا شهداء.
وفي قصة أبي محجن الثقفي لنا عبرةً وعظة، فقد كان يشرب الخمر، وفي القادسيةِ شربها، فعاقبهُ سعدٌ بأن حرمَه من القتال، وكبلهُ بالقيود، ولما اشتدَّ القتال وحميَّ الوطيس وانكشف المسلمون، أخذت أبا محجن الغيرةَ للدين والحميةَ لأهله، فطلب من زوجةِ سعدٍ أن تفكَّ قيده، وأن تعطيه خيلَ سعدٍ على أن يعود بعد المعركة إلى قيده، وتوسل إليها قائلاً كفى حزناً أن تلتقي الخيل بالقنا * * * وأترك مشدوداً علي وثاقيا إذا قمت عناني الحديد وغلقت * * * مصادر مع دوني قد تصم المنادي ارمني سلاحي لا أبا لك إنني * * * أرى الحرب لا تزداد إلا تماديا ولله عهدٌ لا أبخس بعهده * * * لئن أفرجت ألاَّ ازور الحوانيا
فرحمتهُ امرأة سعد، وأعطتهُ الخيل، فشقَّ الصفوف وأثخن في الأعداء، وأبلى بلاءً حسنا. إن أقوى الناس ديناً أعظمهم غيرةً على حُرمات الله وحدوده، فمحبُّ الله ورسوله يغارُ لله ورسوله على قدر محبته وإجلاله، وإذا خلا قلبهُ من الغيرة لله ورسولهِ، فهو من المحبة أخلى وإن زعم أنَّهُ من المحبين، فكيف يصحُّ لعبدٍ أن يدعي محبةَ الله وهو لا يغارُ لمحاره إذا انتهكت، ولا لحقوقه إذا ضيعت.
أخي المسلم إن مما يقوي الغيرة في قلبك، أن تستشعر المسؤولية وجسامتها، وأن تُقدرَ الخطر الداهم على أمتك، وتستشعر استمرارية دُعاة الباطل في إشاعة باطلهم، [يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ](التوبة: 32). [وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ] (صّ: 6). [إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ] (لأنفال: 36). أو لم تسمع عن مُنصرين يمكثون سنوات في الصحاري القاحلة، والمناطق الآسنة، دون انتظار أجر دنيوي، وإنِّما نُصرةً لباطلهم ونشر الضلالة.
فما بالنا معشرَ المسلمين يجلسُ الواحدُ منا شبعان متكأً على أريكته، إذا طلب من نصرةِ دينهِ الحق، أو كُلف بأبسط المهام، أو عُوتب لاستغراقهِ في اللهو والترفيه انطلق كالسهم مردداً، ((يا حنظلةَ ساعةً وساعة)) هذا إذا سلمَ من قدحِ العاملين، ولمزِ المجاهدين، وتثبيطِ همم الباذلين. تبلدَ في الناس حسن الكفاح * * * وقالوا الكسب والعيش رتيب بكاءٌ يزعزع من همتي * * * سدود الأمين وعزم المريب
ألا فليستثر الشعور بالاستحياءِ من الله - عز وجل - في قلوبنا، حين نرى من الإخلاص لهم عند الله، يُكرمون ويضحون لنصرة باطلهم، ويوفون مع إمامهم إبليس بالعهد الذي قطعه على نفسه، فبعزتك لأغوينهم، في حين يتباطأ كثيرٌ من المسلمين عن نصرةِ دينهِ الحقِّ، مع أنهم عاهدوا على الانقياد لشرعه [وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ] (المائدة: 7) أقول هذا القول.
|
| |
|
الطائر الجريح عضو متميز
المساهمات : 724 تاريخ التسجيل : 21/11/2007 العمر : 38
| موضوع: رد: الغيرة على دين الله السبت 15 ديسمبر 2007, 19:19 | |
| | |
|
Ghost عضو متميز
المساهمات : 512 تاريخ التسجيل : 20/11/2007 العمر : 37 الموقع : www.ammimoussa.fr.gd
| موضوع: رد: الغيرة على دين الله السبت 15 ديسمبر 2007, 19:29 | |
|
|
| |
|